الثلاثاء، ٢٤ يونيو ٢٠٠٨

جولة جديدة من الصراع

جولة جديدة من الصراع


بدأت التهدئة وبدأت معها الإستعدادات لجولة جديدة من الصراع، ذلك الصراع الذي لابد له أن ينتهي بانتصار المقاومة لا محالة. إن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية حماس تدرك تمام الإدراك أن المعركة مع الكيان الصهيوني هي معركة وجود فإما نحن وإما هم وحتما سنكون نحن المنتصرون.

إن التهدئة عندما أعطيت فإنها بلا شك تعطي كل طرف من طرفي الصراع فرصة لترتيب أوضاعه لإستكمال المواجهة، ذلك لأن كل طرف بحاجة لتلك التهدئة وإن إختلفت الأهداف ولكنه من المؤكد والواضح إن أحدا من الأطراف لا يفكر في تجميد الصراع عند هذه المرحلة.

ومما لا شك فيه إن التهدئة أسست لظهور مسارات جديدة من الصراع وبالتحديد المسار السياسي على مستوى العلاقات الدولية والمسار التفاوضي. فإذا ما وضعنا مسار المقاومة بجوار تلك المسارات نجد أن هناك تناغما غير مسبوق في منظومة العمل السياسي الفلسطيني لم تكن موجودة من قبل.

فعلى المستوى السياسي والعلاقات الدولية، تتيح التهدئة لإنشاء علاقات مع لاعبين جدد في الساحة لا سيما وأن الكثير من هؤلاء اللاعبين أقروا وإن كان على مضض بأن حركة حماس لاعب سياسي لا يمكن تجاوزه حتى وإن أرادوا. وبهذا فإن إدارة الصراع على المستوى السياسي وتفتيت تلك العزلة السياسية المفروضة على قوى المقاومة ولا سيما حماس قد بدأت بأخذ منحى إيجابي في معرض وضع الأمور في نصابها الحقيقي فيما يتعلق بتمثيل الشعب الفلسطيني.

ولذا فإننا نجد العدو الصهيوني يدشن حملة دولية لتفادي الأثار السلبية – من وجة نظرهم – للتهدئة، وأيضا حيث أن التهدئة ستكون ذريعة لكثير من دول العالم ولا سيما دول الاتحاد الأوروبي من البدء بإجراء اتصالات مع حماس والحكومة. فها هي حماس تحافظ على علاقتها مع مصر وبهذه التهدئة تكون العلاقة مع مصر أنتقلت لمرحلة جيدة، وأيضا الأردن تبحث اعتماد استراتيجية جديدة للتعامل مع حماس لا سيما وأن توقعاتهم للرئيس القادم للسلطة سيكون من حماس.

وأما على المستوى التفاوضي فمما لا شك فيه إن حركة حماس دشنت مدرسة جديدة في التفاوض مع الكيان الصهيوني. مدرسة تفاوضية لم يعتد عليها الصهاينة من قبل، تعتمد على الثبات والتمسك بالثوابت. وكما هو واضح في الأسلوب الغير مباشر في التفاوض يسلب العدو الكثير من أدواته التي استخدمها من قبل مع (فرقة أوسلو التفاوضية)، فليس هناك وجه على الطرف الآخر على الطاولة يستطيع أن يغريه بمغريات أو يستدرجه إلى منزلقات أو يحشره في الزاوية.

العدو الصهيوني يخوض غمار مفاوضات غير مباشرة وهو مغمض العينين، مسلوب مع أهم سلاح يستخدمه المفاوض ألا وهو سلاح المعلومات. لقد تعود العدو الصهيوني أن يفاوض أفرادا وليس مؤسسة فكان من خلال المعلومات التي يجمعها عن المفاوض يعرف ما هي نقاط القوة والضعف والتي تعتبر أسلحة في يد المفاوض الصهيوني. ولكن في هذه الحالة لا يمتلك مثل هذه الأسلحة، حتى وإن عرف من هو الموجود في الطرف الآخر إلا أن الواقع يقول أنه ليس أفراد الذين يفاوضون وإنما حركة شورية لا تخضع لأهواء أفراد.

أخيرا من الواضع أن عهد جديدا قد بدأ في تاريخ القضية الفلسطينية وتاريخ الصراع مع العدو الصهيوني. بعد أن كان العدو الصهيوني يتعامل مع كل ما هو فلسطيني بفوقية وتعالي وإنتقائية، أصبح الآن مرغما أن يقبل بمبدأ التبادلية والندية وإن كان على مضض وفي نفس الوقت ليس له يد في طبيعة من هو موجود أمامه في الجانب الأخر. وبهذه التهدئة التي قد ينظر إليها البعض من محدودي الرؤية على إنها تخلي عن المقاومة إلا أنها في حقيقة الأمر هي اعتراف صهيوني ضمني بقدرة المقاومة لقيادة الشعب الفلسطيني، ولا أدل على ذلك من الأصوات التي تتعالى داخل الكيان بأن التهدئة خطأ إستراتيجي.