الاثنين، ٢٩ ديسمبر ٢٠٠٨

من وسط محرقة غزة أرض العزة أكتب.....

في واقع الأمر ليس هناك مقالة معدة سلفا أضعها في المدونة ولكني اليوم أدخل مباشرة للمدونة وأسطر كلماتي دون إعداد مبسق كالعادة.

فلا أعلم ماذا أكتب وكل العالم يدرك ويعلم ما يحدث في غزة من قتل وتدمير بشكل وحشي فاق الوصف، فتحليل الواقع لا يحتاح لتحليل والصورة لا تحتاج إلى أي توضيح.

إنني سأكتب عما أشعر به بعدما مرت ثلاثة أيام على بدأ حرب الإبادة الشاملة لغزة سأكتب عن أناس عشت معهم وعرفتهم ولكني أكتشف إني لم أكن أعرفهم كما يجب ، وأناس أحببتهم ولكني لم أعلم أني أحبهم كل هذا الحب، وآخرين لم ألتقيهم زرفت دموعي في تشيعههم.

فهذا أحد جيراني أعرفه شكلا لا إسماً .. أظنه مزارعا أو عاملا .. فأكتشف إنه من مقاتلي كتائب القسام أمضى ليلته مرابطا يجهز تجهيزات عسكرية فينقضى الليل سريعا فيذهب لعمله قبل أن يبدل بنطاله الذي قضى فيه الليل عاملا في سبيل الله وهو ممتلئ بالغبار والرمال، فيرتقى شهيدا في هذا اليوم وهو يحمل على جسده غبار وعرق في سبيل الله، ويدفن بذلك البنطال ليكون شاهدا له بغباره ورماله وعرقه.... فهل فعلا كنت أعرف هذا الشخص حق معرفته .... إنني لم أعرفه كما ينبغي.

وهذا شخص آخر .... أحبه في الله ... كان أخاً لي في أحد الأسر الإخوانية ... كانت صفته الحياء ... يصعد على المنبر في صلاة الجمعة ويخطب خطبة قوية تحدث فيها عن الجهاد والإستشهاد والمقاومة ... في خطبته حث الشباب للإنخراط في صفوف المقاومة لنصرة الإسلام ودحر الصهاينة عن أرضنا .. وبعد أربعة وعشرون ساعة بالتمام والكمال يرتقي شهيدا ... صدق الله فصدقه الله ... فبكيته كما بكيت أمي عند وفاتها ولم أكن أعلم مبلغ حبي له مسبقا ... تذكرته عندما إلتقيته قبل عدة أيام في مسجده فترك من كان معهم وصافحني وقال لي "نورت المسجد" ... رحمك الله أبا مجاهد...

وهذا آخر لم ألتقيه من قبل ... استمر البحث عن جثته يوما كاملا فلم يعثر له على أثر ... تلاشت جثته بالكامل وأصبحت أثر بعد عين .. لقد تم جمع بقايا أشلاء متفحمة لا نعلم هل هي له أم لا، ولكنها شيء يقدم لذويه وأهله كي يدفنوه ويكون له قبر .

هؤلاء هم أبناء العز والكرامة ... أبناء الإسلام ... أبناء كتائب الشهيد عز الدين القسام صفحة فخر وكبرياء في تاريخ هذه الأمة.

فبعد هذه الضربة القاسية ... تم إمتصاص الضربة وبدأ الرد المزلزل....

فتدك اسديروت .. ونحال عوز ومرابض الدبابات وحظائر الطائرات

بل وصلت صواريخ العز والكرامة في زمن الذل والمهانة العربية حتى مدينة اسدود ويبنا

تصبح مغتصبة اسديروت مدينة أشباح .. فقد ولى زمن ضربها .. ويبدأ النزوح من عسقلان وأسدود في إتجاه الشمال

فلتتحول كل مدننا المغتصبة من قبل الصهاينة إلى مدن أشباح فكما إنتزعونا منها لابد لنا أن نخلعهم منها ....

والله أكبر ولله الحمد

الثلاثاء، ٩ ديسمبر ٢٠٠٨

حال موظفي دايتون في العيد





هذا العيد كما قالت إبنتي الصغيرة (( ملوش هية ))، فهناك الكثير من المنغصات شابت فترة ما قبل العيد والتي تمثلت في منع الحجاج من الحج ومنع وصول الرواتب للموظفين التابعين لسلطة دايتون.

وكان الله في عون هؤلاء الناس الذين تضرروا من سياسة خرقاء لسلطة عملاء وما باليد حيلة، ولكن سأذكر جانب آخر ما حدث لبعض أقاربي من أتباع سلطة دايتون أصحاب الفكر الإنقلابي دحلانيو التوجه.

هذه الشريحة من البشر لا يحركها إلا الشيكل ولا يهز كيانها إلا الدولار، صبت جام غضبها وحنقها ولعناتها على عباس في العيد لأنه لم يرسل الرواتب لهم (ملاحظة هم طبعا من منتسبي الأجهزة الأمنية الغير عاملة والمرابطة في بيوتها وجل وقتهم يقضونه في التشييش) ويقولون ((( ذهب للحج ولم يقبضنا )))، وطبعا تتخلل هذه الكلمات أقذع الإوصاف والشتائم.

الخلاصة في هذه القصة أنه حتى من يعبدون عباس من دون الله غير مقتنعين أن مشكلة عدم تسليم الرواتب لها علاقة بالسيولة النقدية أو الاحتلال، ويدركون أن عباس يستخدم الرواتب كوسيلة ضغط عليهم وعلى الشعب، يعني نظام (( تكدير ))، وبعد كل هذا يتساءل القابعون في المقاطعة السوداء لماذا لا ينتفض أهل غزة في وجه حماس؟ ويتعجبون كيف يتحمل أهل غزة شظف العيش وقسوة الحصار.

والجواب: لأنهم يدركون بأن حماس ليست السبب في الحصار وهم يرون أنها تفعل كل ما هو مستطاع وفوق العادة والعقل لكسر هذا الحصار، وأيضا يرون ويسمعون من الجانب الأخر الإستخفاف بمعاناتهم والرقص على دمائهم وجراحهم، ويدفعون مليون ريال تكلفة إيجار أسبوع لفيلا في مكة كي يقيموا فيها حجاج بيت الله الحرام من فريق الخيانة القابع في المقاطعة، بينما تمنع عنهم الرواتب قبيل العيد وتحرم أبنائهم بهجة العيد.

الثلاثاء، ٢ ديسمبر ٢٠٠٨

فشل النظام العربي


الحصار ما زال مشددا والحوار الوطني ما زال مجمدا، والهدف من وراء كل ذلك هو تركيع حماس ومن خلفها قاطني قطاع غزة من أبناء الشعب الفلسطيني، ذلك الشعب الذي أذل الصهاينة ودفعهم للهروب ذعرا من قطاع غزة الحر.

فهذا الحصار كشف عورة الكثير من الأنظمة والأفراد والمؤسسات والتي صدعت الرؤوس وأوجعت القلوب بحرصها على الشعب الفلسطيني ودماء الشعب الفلسطيني، ولكنها لم تحرك ساكنا عندما تزهق أرواح هذا الشعب بأيديهم وهي تخنقه فلا يستطيع الصراخ أو حتى الدفاع عن نفسه.

فالأنظمة التي تدعي وقوفها على مسافة واحدة من كافة الأطراف تكشفها تصرفاتها على الأرض، وتساوقها مع الحكومة العميلة في الضفة المحتلة، بل ونلاحظ بشكل واضح حجم الإبتزاز الذي تمارسه سلطة رام الله لتلك الأنظمة بسبب علاقته بإسرائيل وأمريكا، حتى إننا نجدها تفعل ما لا يقبله عقل لتشديد الحصار حتى لو كان هذا الأمر يضر بسمعتها وهيبتها أمام المجتمع الدولي أو حتى أمام رجل الشارع العادي.

فما الذي يجعل دولة كبرى كمصر ترفض إدخال وفدا برلمانيا أوروبيا عبر معبر رفح، وتصيب سمعتها بالضرر في الوقت الذي يسمح لهم الإحتلال الغاصب من الدخول عبر معابره براً وعبر البحر، هل سلبت الإرادة السياسية للنظام المصري أو عدم توافر الرغبة أم الأمرين معا.

وموقف الجامعة العربية كمؤسسة لا يقل ضعفا عن الأنظمة، فهي أيضا عجزت عن إتخاذ موقف جرئ يكسر الحصار عن القطاع واكتفت بتسيير قوافل إغاثية من المؤكد ستعبر عبر معبر كرم أبو سالم ليسمح لها بالدخول إسرائيليا، هذه المؤسسة إنكشفت كأحد أركان الضعف العربي العاجز عن إتخاذ موقف مؤثر في قضايا الأمة الحيوية، ولعل نظامها في ضرورة اتخاذ القرارات بالإجماع أحد أهم أسباب هذا الضعف.

وبعد كل هذا نسمع من يتحدث عن الحصار وفشل حماس في رفع الحصار عن قطاع غزة، والذي يعبر في وجهة نظرهم على فشل مشروع الإسلام السياسي، ولكنهم يجهلون أو يتجاهلون السبب الحقيقي للحصار، ويتمسكون بنتائج الحصار ويعتبرونها هي السبب في معاناة الشعب.

إن السبب الحقيقي للحصار هو رفض حماس لشروط الرباعية والتي تتركز في شرطين أساسيين هما إلقاء السلاح والإعتراف بإسرائيل، وطالما لم تعترف حماس بإسرائيل أو تلقي السلاح فلن يرفع العالم حصاره عن قطاع غزة، إلا مجبراً.

ولهذا، فللقائلين بفشل حماس في رفع الحصار نقول لهم أتلومون حماس لأنها فشلت في التخلي عن ثوابتها ولم تعترف بإسرائيل أوتلمونها لأنها ما زالت متمسكة بسلاح المقاومة ومتمسكة بخيار تحرير فلسطين، ذلك الخيار الذي ليس له بديل.

إن الحصار أثبت بما لا يدع مجال للشك بأن النظام العربي الرسمي نظام فاشل لم يقدم للأمة أي شيء يرفع من شأنها بل العكس كان السبب الرئيس في تدهور حال الأمة وإنتكاساتها وجعلها في ذيل الأمم، وكسر الحصار وإنتهائه لا يمكن أن يتم إلا بإنتهاء هذه الأنظمة الفاشلة.