السبت، ١٦ فبراير ٢٠٠٨

الحصار الإعلامي .... مواجهة من نوع جديد



يبدو أن العالم لم يكتفي بالحصار الخانق المباشر الذي يفرضه على قطاع غزة، فها هي بوادر حصار من نوع جديد سيطال ليس فقط العشب الفلسطيني في غزة وإنما كل الشعب الفلسطيني ومؤيديه في كل العالم لاسيما العربي.

إن الإعلام المقاوم والممانع في السنوات القليلة الماضية لعب دوراً كبيرا في مواجهة الهجمة الصهيوأمريكية على المنطقة، وخصوصا بعد دخول فضائية الأقصى هذا المضمار هذا إلى جانب الإعلام الالكتروني المميز لكثير من الموقع الإخبارية والمنتديات التي تكشف الوجه القبيح للاحتلال وأعوانه.

ففي اجتماع طارئ وعاجل لوزراء الإعلام العرب بتاريخ 12/2/2008 تم التوقيع على وثيقة "تنظم قواعد بث القنوات الفضائية في الدول العربية". حيث تضع هذه الوثيقة مبادئ حاكمة للبرامج السياسية ومنها منع ما تسميه بالتحريض، وأيضا طالبت بالالتزام "باحترام كرامة الدول وتجنب "تناول قادتها أو الرموز الوطنية فيها بالتجريح". وقد تكون لهذا الحد الوثيقة في شيء من المعقولية ولكن الخبراء والإعلاميون ينتقدون هذه الوثيقة ويعتبرونها ردة إلى عصر الوصاية على الجماهير. وقد أكد الكاتب المصري عبد الحليم قنديل أن "أخطر ما تضمنته الوثيقة هو تجريم ليس فقط البث بل الاستقبال" ولنا أن نتخيل ماذا يمكن أن تفعل تلك الأنظمة بمواطنيها لمن يشاهد قناة فضائية تعتبرها هذه الدولة غير مطابقة للشروط.

ولنا أن لا نستبعد على بعض الدول أن تقوم بإصدار قوانين تتيح للشرطة مداهمة أي منزل يشاهد قناة فضائية تنتقد نظام الحكم أو تدعو لإبادة إسرائيل ومحاربة أمريكا، على اعتبار إن هذا الأمر يضر بالأمن القومي لهذا البلد أو ذاك، أو يخالف ميثاق البث الفضائي.

وفي نفس الإطار فالكل يعلم الدور الذي لعبته الانترنت في كشف الكثير من ممارسات الاحتلال وأعوانه وتوثيقها وإيصالها لأكبر قدر ممكن من الناس حول العالم. فبعد أن كانت الإنترنت وسيلة لإفساد الشباب من خلال المواقع الإباحية ومواقع التعارف أصبحت بفضل الله مؤخرا أيضا منبر يطل منه المجاهدين على العالم، ومن المؤكد هذا الأمر أزعج أعداء الأمة كثيراً.

وفي هذا الصدد لا يمكننا أن نمر على حادثة قطع كابلات الانترنت التي تغذي الشرق الأوسط مؤخرا وكأنها مجرد حادثة عابرة، بل يجب أن ننظر لها بعين الشك والريبة. لاسيما وأن كاتبا أمريكيا معروف بتصديه ومواجهته لإدارة بوش ومخططات جماعة المحافظين الجدد، وهو الكاتب جاستن رايموند رئيس تحرير صحيفة آنتي وور، قد نشر تحليلاً حمل عنوان «لغز قاطع – الكابل: تجسس، كذب، نظريات مؤامرة – ماذا وراء إخراج الشرق الأوسط من دائرة الانترنيت؟»، يبين فيه أن عملية قطع الكابلات أتت ضمن مؤامرة جماعة المحافظين الجدد الشاملة، والتي تتضمن عزل منطقة الشرق الأوسط عن العالم قبل حدوث العدوان العسكري الأمريكي لاسيما وأن الكابلات التي قطعت في الشرق الأوسط والخليج العربي. والذي يعزز وجه نظر رايموند بخصوص المؤامرة عدة أشياء منها أن الرادارات المصرية لم تكشف عن أي حادث في منطقة القطع والتي تواجه مدينة الإسكندرية وتقع في منطقة تغطيها أجهزة الرصد المصرية. إن عملية قطع الكابلات بهذه الطريقة لا يمكن أن تتوفر لجهة عادية، لجهة الانتقاء وإمكانيات وقدرات النفاذ إلى الأعماق البحرية واختيار كوابل بعينها دون غيرها من الكابلات.

وهناك الكثير من النظريات حول الهدف من قطع الكابلات ولكن يبدو أن هذه العملية عبارة عن محاولة للقيام بوضع أجهزة تجسس وتنصت ووضعها تحت السيطرة أو إخضاعها لعمليات التجسس والتصنت.

ما يعنينا أن نوضحه في هذا الصدد وفي ضوء المساعي لفرض قيود على البث الفضائي وعلى احتمالات التخريب المتعمد لكابلات الانترنت بهدف القطع أو التجسس، إن سياسة الحصار ليس على الشعب الفلسطيني فقط وإنما ستمتد لباقي شعوب المنطقة، لاسيما وأن حصار قطاع غزة كان له ردود أفعال شعبية مبهرة ليس فقط على مستوى الشارع العربي وإنما على مستوى العالم. الأمر الذي يؤكد فشل سياسة الحصار من تحقيق أهدافها دون إزعاج. ولذا يسعى أعداء الشعب والقضية من كتم صوت أنين هذا الشعب المعذب بتلك الإجراءات والسياسات.

ولهذا يجب على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية أن تكون مستعدة لمواجهة هذا النوع الجديد من الحصار والذي يهدف لكتم أنفاسها وحرمانها من إيصال معاناتها للعالم.

ليست هناك تعليقات: