في شبكة فلسطين للحوار طُرح التساؤل الدائم حول تطبيق الشريعة
وكان ردي كالتالي
للأسف هناك خلط وعدم فهم للفرق بين أمرينتطبيق الشريعة .. وإقامة الحدودبالنسبة للشريعة الإسلامية فهي مطبقة ولا تمنع .. فالصلاة تطبق وهي جزء من الشريعة، والزكاة تجمع وتوزع وهي من الشريعة بل والمجلس التشريعي أعد قانونا للزكاة لتنظيم عملية الجمع والتوزيع، وأيضاالحج فلم يمنع الحج إلا عصابة رام الله، والجهاد في سبيل الله وهو ذروة السنامفلم يصدر عن الحكومة الشرعية أي أمر يوحي بعدم تطبقها للشريعة الإسلامية حتى التقاضي بين الناس يحول للجان الإصلاح المشكلة من قبل رابطة علماء فلسطين لحل المشاكل بين الناس طبثا للشريعة الإسلامية تحت مسمى القضاء الشرعيأما بالنسبة للحدود .. فلديك حد القتل، وحد الزنا، وحد السرقة
بالنسبة لحد القتل فقد علمنا بأن هناك أحكام إعدام صدرت ضد قتلة ويبقى الأمر في يد من في يده المصادقة على تنفيذ الحكم
أما حد الزنا فله شروطه كي يطبق وهو أربع شهود عدول يؤكدوا رؤيتهم للكاحل في المكحلة بحيث لا يمر خيط بينهم أو الإعتراف بجريمة الزنا
وأما حد السرقة، فلابد أولا أن نكون قادرين على إطعام كل فرد وسد حاجة كل محتاج ثم نبدأ بتطبيق حد كهذا
فهل القانون الوضعي سيجلب لنا المنافع وقانون رب العالمين سيجلب لنا الهلاك؟؟
لا مجال هناك بين ما يقرره البشر لأنفسهم وما يقرره رب البشر للبشرقال النووي في شرح مسلم:15/116: (وجوب امتثال ما قاله شرعاً دون ما ذكره(ص)من معايش الدنيا على سبيل الرأي ، فيه حديث إبار النخل وأنه (ص) قال: ( ما أظن يغني ذلك شيئاً فخرج شيصاً فقال: إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظناً فلا تؤاخذوني بالظن ، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به . وفي رواية: إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به ، وإذا أمرتكم بشئ من رأي فإنما أنا بشر . وفي رواية: أنتم أعلم بأمر دنياكم .وبهذا فهناك أمور سمح فيها الشارع أن للناس ان ينظموا أمور دنياهم بهدف إصلاحها وتيسيرها لهم، وبهذا فإن القانون الوضعي بحد ذاته لا يحرم إلا إذا أتى مخالفا لقاعدة شرعية . وبهذا فإن وضع القوانين التي تنظم الحياة ولا تتعارض أو تخالف القواعد الشرعية فهي واجبة لأنها تنظم شؤون الناس وحياتهم.وهنا لابد لنا أن نلقي نظرة على بعض أنواع القوانين لنرى هل وجودها يخالف الشرع أم إنه من أمور ا لدنيا التي أمرنا بأن نصلحها بما يعود بالمصلحة والفائدة على عموم المسلمين.
1- القانون الإداري : و هو القانون الذي ينظم علاقات الأفراد مع الإدارات العامة التقليدية و الإقتصادية من خلال استخدام المرافق العامة و إنشاء العقود الإدارية ووضع أسس الرقابة القضائية على أعمال الأدارة (القضاء الإداري) و إرساخ قواعد العمل لدى الإدارة العامة (الوظيفة العامة المركزية و الوظيفة العامة البلدية) و غيرها من العلاقات
2- قانون العمل : و هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين أرباب العمل و العمال. فهو ينظم عقود العمل و الرواتب و المنازعات و التسريح و التعويضات و التأمين على شخص العامل في حوادث العمل و الأمراض الناجمة عنه.
3- القانون الجزائي و قانون الإجراءات الجزائية (أو أصول المحاكمات الجزائية): و هو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة و تقسيمها لمخالفات و جنح و جرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين و الأنظمة و الأخلاق و الآداب العامة. و يتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي و القضائي لمعرفة الجناة و إتهامهم و ضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق و الحكم
طبعاً لا نقول في النهاية إن كل القوانين الوضعية من هذا النوع أي من أمور الدنيا، بل هناك قوانين تحتاج لإستبدال مثل
القانون المدني: ويسمى أيضاً بحسب المفهوم اللاتيني و الأنكلوسكسوني بالقانون الشائع نظراً لكونه الوعاء الأساسي للقانون الخاص. و هو مجوعة القواعد القانونية التي تنظم علاقات الأفراد الأساسية (اسم، عنوان، أهلية، جنسية) والمدنية (إلتزامات، عقود، مسؤولية مدنية) و في بعض القوانين و خاصة الغربية منها يتسع هذا القانون ليتضمن الحقوق العائلية للفرد من زواج و طلاق ونسب و تبني ونظام الزوجية المالي.
وهذا الأمر لا يطبق بل يستبدل بقانون الأحوال الشخصية والذي مصدره الشريعة وتقوم المحاكم الشرعية والقضاة الشرعيين بالنظر في النزاعات من هذا النوع.
ومن هنا نجد أن وجود الإسلاميين في مراكز وضع اتشريع هامة في هذه المرحلة، ليس في فلسطين وحسب بل في كل العالم الإسلامي، حتى لا يتم تمرير قانون يخالف الشريعة من ناحية وعلى أن يعملوا على إصدار تعديلات على التشريعات القائمة بهدف موائمتها لتتفق مع الشريعة الإسلامية.
لقد تعلمنا من خلال سيرة الحبيب المصطفي سنة التدريج ... فنزول القرآن بالأساس لم ينزل مرة واحدا بل منجما .. أي بالتدريج، وهذا ادي إلى تدرج التشريع.
إن العالم العربي والإسلامي وصل لأدنى المستويات الفكرية والعقدية وأصبح في آخر القافلة ولا يمتلك أي قوة تأثير وكلنا نعلم إن الحق يحتاج إلى قوة تدعمه، والعالم الإسلامي الآن يفتقر لمثل هذه الأمور بل تتكالب عليه الأمم ولنا أن نقول إن وضع المسلمين الآن أصبح أقرب ما يكون للجاهلية الأولى.
ولهذا فإن التغيير المفاجئ سيؤدي إلى صدام عنيف، حيث لأن الشعوب والأنظمة القائمة لا تستوعب مثل هكذا تغيير، فنحن نجد أنظمة عربية إسلامية تمنع الحجاب وأخرى تعطي من يصل بطاقة ممغنطة تتيح له الصلاة في مسجد محدد، وهناك نظام حاكم يجبر من يريد أن يعتكف في شهر رمضان أن يسجل في دوائر الأمن.إن الذهاب مباشرة - وفي وسط عدائي لكل ما هو إسلامي - إلى تطبيق الحدود من قطع يد السارق ورجم الزاني وقطع رأس القاتل سيؤدي إلى وأد المشروع الإسلامي في مهده، ولنا في تجربة الإمارة الإسلامية في أفغانستان (حركة طالبان) عبرة وعظة.
ويجب علينا أن ندرك قبل أن نمتلك القوة التي تحمي فكرنا وشرعنا سنبقى غير قادرين على تطبيق هذا الشرع أو إسترداد أي حق.